أبو محمد المقدسي .. يُتلف ممتلكات عامة | بقلم غريب الإخوان


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

أبو محمد المقدسي .. يُتلف ممتلكات عامة

(حكمت محكمة في الأردن على الشيخ المقدسي بالسجن لمدة شهر، بسبب إتلافه لسماعة جهاز الاتصال عبر الزجاج في عنابر الزيارة، بعد أن شكا لإدارة السجن عدة مرات أن صوته لا يكون مسموعا عندما يكلم زوجته أو والدته أثناء الزيارة، دون أن تلقى شكواه أي استجابة)

سامحك الله أيها الشيخ الفاضل، لم أتوقع أن أسمع منك ذاك الكلام، وأنت من أنت .. أنت الذي لي قصة معك لا تعلمها، أبوح الآن بها .. إن كان للبوح في مسامع القُرَّاء مُتسع.

شيخي الفاضل، إن العبد الفقير غريب الإخوان لك فضل عليه لا يعلم به إلا الله، فقد كان هذا الغريب في يوم من الأيام أنيس الإخوان، الإخوان المسلمين، لا غريبهم، من الله عليه بالهداية والتحق بجماعة الإخوان منذ نعومة أظفاره، جماعة حسن وسيد ومروان وعزام وعودة والرنتيسي، لا جماعة رباني والهاشمي ومشعل والغنوشي، كانت جماعته أمله بالخلافة الضائعة، لكن الذين ورثوا الجماعة لم يدوروا حيث دار القرآن بل داروا حيث دار السلطان، ويعلم الله أني نصحتهم سنوات، كانوا جماعتي وعزوتي، كانوا أهلي وعشيرتي، وكانوا الدماء التي تسير في عروقي، وكنت فيهم الأنيس العزيز، لكن ربي الذي في السماء يعلم أني أحبه أكثر منهم، وعندما داروا هم حيث دار السلطان، درت أنا حيث دار القرآن، فأمسيت بينهم غريبا، كنت عندهم واسع الأفق بعيد النظر، فأصبحت ضيق الأفق بادي الرأي، كنت فيهم قائدا فأصبحت منبوذا، فقدت الأهل والعشير، فلم يكن لي غيرهم، أقرأ في كتاب ربي ما أعود به عليهم فيرفضونه ويرفضوني، استوحشني كل شيء واستوحشت نفسي، يتردد في أُذني قولهم القديم (هوِّن الأمرَ لا تُجن)، حتى أصابني الشك، أأنت على الحق وكل الناس على خطأ؟؟!! وتاه زورقي في بحر الغربة البهيم، ولم أرسو فيه على شط، ومن هنا جاء اسمي الذي أتخفى به، وأتمترس وراءه، غريب الإخوان، وأي غريب.

وفي عتمة بحر الغربة هذا، وزورقي الذي فيه يرتجف، وقع بيدي كتاب ملة إبراهيم، كتابك شيخي الفاضل، وقع بيدي يوم لم يسمع بك أحد إلا قليل، أفي الدنيا من يقول قولك يا غريب ؟! أنت لست وحدك يا غريب .. لست وحدك، فتحتَ لي شيخنا الفاضل بابا كان مغلقا، وانتشلتني من بحر غربتي إلى أُنس أحبتي الذين لم أكن أعلم بوجودهم.

ويوم سُجنتُ في فرع فلسطين في دمشق، في زمن ما، لفترة ما، لسبب ما، وجدت هناك غريبا آخر، أخا أوروبيا من أصل كردي، حدثني عن غربته وقصته، أحببته في الله رغم  قصر المعرفة، وكان مما تسامرنا به في عتمة السجن، حديثه عن السجون، كان يخشى عندما سار في درب الغرباء هذا أن يُسجن في ثلاثة سجون لسمعتها السيئة، سجون طهران وقد سُجن بها ، وسجن فرع فلسطين الذي يقص علي قصته من تحت سقفه ومن بين جدرانه، وسجن آخر ثالث، استغربت ثباته رغم أن الله ابتلاه بما خاف منه، فسألته عن السبب .. فقال لي إنه كتاب ملة إبراهيم.

نعم شيخي الفاضل لقد قرأ هذا الغريب الكردي كتابك منذ زمن طويل في قرية من قرى كردستان العراق، يوم لم يكن هناك 11/9 ولا ما يحزنون، جمعتنا الغربة والسجن وملة إبراهيم، وفرقتنا الحرية والدنيا، حفظه الله أينما حلَّ أو ارتحل.

كتابان لهما من الفضل على الأمة ما لهما، معالم في الطريق لسيد قطب الذي قضى بسببه نحبه، وملة إبراهيم للشيخ المقدسي الذي ما زال ينتظر، نسأل الله له أن لا يبدل تبديلا.

عذرا شيخنا فلم أتوقع منك أن تقول مقولتك تلك وأنت صاحب الكتاب إيِّاه

وإلى أبناء التيار الجهادي الذين لم يقرءوا سيد والمقدسي، أخبروني بالله عليكم كيف تسيرون في الطريق دون معالم وكيف تواجهون العالم دون الملة، ملة إبراهيم.

وإلى المسلمين عامة والمتعاطفين خاصة، كيف لكم أن تفهموا ما يدور حولكم دون فهم ملة إبراهيم؟ فهي أولى خطواتكم  في الطريق ومعالمه.

وإلى الدارسين المحايدين والصحفيين، كيف لكم أن تعرضوا الأحداث على الناس دون فهم دوافعها ومعالمها؟

وإلى الأعداء المحاربين كيف ستعرفون ما سيحل بكم وبكفركم بعد هزيمتكم إن لم تقرءوا معالم الطريق و ملة إبراهيم.

قطعت حكومة الأردن الكهرباء عن الأردنيين وخربطت التوقيت الصيفي والشتوي، ليوفر عبد الله النسور رئيس الحكومة مبلغ خمسة ملايين دينار أردني، صرف منها ولي العهد الأمير الحسين مبلغ أربعة ملايين دينار ثمن استضافة لاعب كرة القدم ميسي في احتفاله بعيد ميلاده، ولا ندري أين ذهب المليون الباقي، لعل إدارة السجن رصدته لشراء سماعة جديدة بدل التي أتلفها المقدسي.

عذرا شيخي الفاضل أخطأت بقولك لهم إن صوتك غير مسموع

وكيف ذلك ؟؟!!

وصوتك أنقذ الغريب من غربته، وشحذ همة الفتى الكردي في دربه، وارتعد لجلجلته سعود ومملكته

أما السماعة شيخي الحبيب فثمنها عندي، فمساكين هم شانئوك، لم يعلموا أن ثمنها لا يساوي ثمن كيلو جوافة

فهم لم يقرءوا مقالك فيه، ولم يقرءوا ملة إبراهيم، كما لم يقرأ أسلافهم من قبل معالم الطريق

شيخي إنما على صوتك الأذان ، فكيف لا يكون مسموعا .. والله تعهد أن عليه البلاغ .. نحسبك والله حسيبك

اللهم اجعل ما أكتبه والأنصار أذانا وعليك ربي – بفضلك ومنتك – البلاغ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

م.غريب الإخوان

جمادى الأولى 1434

 

أضف تعليق