” عندما ينطق الرويبضة ، ويصفق الغوغاء ” @a_bawadi كتبه / أحمد بوادي


Popular notes



” عندما ينطق الرويبضة ، ويصفق الغوغاء “
@a_bawadi  كتبه  / أحمد بوادي ــ أبو داود السافري ــ

وهذا المقال رد على المدعو إياد القنيبي الذي أثم الدولة الإسلامية لاقامتها الشرع في زعمه أنها خالفت الشرع وعصت الله عندما أقامت الحدود وهي في الغزو وأثنى على جبهة النصرة والجماعات الأخرى لأنها عطلت الشرع لما لم تقم بإقامة الحدود وهي في الغزو فهي بذلك قد استجابت وأطاعت حكم ربها
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
لقد رفع خصوم الدولة رايات العداء لها ، وأطلقوا العنان للتخريص وعبارات التأليب  ضدها ، ورموها بالشبهات والظنون ، والصقوا بها التهم تأليبا وتحريضا ، فألبوا عليها خبثاء النفوس ومن وغلت قلوبهم بالشر والحقد والحسد ، فاستمالوا الغوغاء والحمقى ، وكانوا لها من العادين
فتجرأ عليها المتردية والنطيحة ، وأصبح الثرثار إذا تكلم عليها وطعن أو عرض بها غدا حكيما من حكماء الزمان ، والجاهل طالب علم أو عالم ، والعميل والمندس مخلص وأمين ، والأعرج حصان ، وللحصول على هذه الألقاب ما عليك إلا الترويج لما يقال عن الدولة من أكاذيب ، وعذر الكذاب إنما أنا ناقل ولست القائل
وقد تناسوا حال الكذاب وعاقبة الكذابين ومن قال في مسلم ما ليس فيه
وقد صدق فيهم قول الشاعر:
لايكذب المرء إلا من مهانته…أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعضُ جيفة كلب خيرُ رائحة….. من كذبة المرء في جدّ وفي لعب
فغدت الدولة الإسلامية ، دولة العمالة لإيران، وأمريكا ، والمالكي ، وبشار، اصبحت الدولة الإسلامية ، دولة الخوارج والتكفير ، وسفك الدماء ، واغتصاب وسبي النساء المسلمات ، ومشروعها قائم على النهب والسرقة والاعتداء على الأعراض وأموال العباد  ، وجنودها يتجهزون للسير إلى مكة لهدم الكعبة ، وغايتهم الاستمتاع بالنساء بنكاح الجهاد ، وأنصار الدولة أحلاس مقاهي وأولاد شوارع وعوام وجهلة .
أصبحت الدولة الإسلامية التي ما إن بسطت نفوذها على شبر من الأرض إلا وأقامت عليه شرع الله ، ولا حر ولا عبد  ولا شريف ولا وضيع ولا أمير ولا جندي ، إلا نفذت وطبقت شرع الله في حقه ، أصبحت هي الدولة التي تمتنع عن دين الله وترفض تطبيق شرعه وإقامة دينه مع كل ما تقوم به في سبيل ذلك ،
أما جماعاتهم التي لا تقيم شرع الله ولا تحكم بكتابه ، لما دعتهم الدولة الإسلامية إلى المحكمة المشتركة فامتنعوا عن ذلك وأبوا إلا المحكمة المستقلة كانوا هم أهل قيام الدين وتطبيق الشرع وكانت الدولة الإسلامية هي الممتنعة والرافضة لحكم الله وشرعه
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ……. ويا نفس جدي فإن دهرك هازل
إنهم قوم قد افرغوا حقد قلوبهم في حبر أقلامهم ، قوم بهت يصح فيهم حديث الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ” وإذا خاصم فجر ” فقدوا شرف الخصومة ، وكل معاني الإنصاف والقسط ، وأدب الخلاف
ولو أني بليت بهاشمي ………. خئولته بنو عبد المدان
لهان علي ما ألقى ولكن….. تعالوا فانظروا بمن ابتلاني
لن أتكلم كثيرا ولن أؤصل وأفصل لأن الله يدافع عن الذين آمنوا وإن الله ولي الذين آمنوا
ففي كل يوم يمر يعز الله فيه الدولة الإسلامية ويمرغ أنوف أعدائها ، ويخزي خصومها ويفضح كذبهم وظلمهم لها ، ويظهر الله عز وجل صدقها ويكشف فيه ظلم ودناءة وخسة خصومها ،
ففي كل يوم الدولة في عز وتمكين ، وخصومها في ذل وهوان وصغار يتجرعون مرارة الكذب والبهتان جراء ظلمهم وكذبهم على الدولة ، ولله الحمد وله المنة
هذا وكنت قد أخذت على نفسي الإعراض عن خصومها وعدم الالتفات إلى ما يكذبون ويدلسون ويحرضون ويتآمرون بعد أن أظهر الله صدق الدولة وكشف باطل وزيغ وضلال خصومها ، وغدا لكل منصف صدقها وثبتت الحجج والبراهين على صدقها وكذب خصومها حتى غدا الأمر لا يحتاج إلى برهان أو دليل في صدقها وكذب وخسة خصومها
فمن يملك النبع لن يحتاج من ظمأ .. إلى الدلاء ولن يحتاج إلى القرب
ومع ما عندي من تراكم المهمات ، وتزاحم الأشغال ،إلا أن بعض الأخوة ألح علي في الرد على من لبس لبوس الإنصاف والعدل وتزيا بثياب الضأن وهو ذئب في مسلاخ إنسان ، حتى لا ينخدع بزخرف كلامهم بعض العوام فيسري في قلبه تلك الشبهات فسموم  هؤلاء قد تجد لها طريقا وسبيلا عند من قلت بضاعته وكانت مزجاة فسمومهم ستكون قاتلة لهم خوفا عليهم لا على الدولة
إن الأفاعي وإن رقت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب
لقد حاول المدعو إياد القنيبي كما هي عادته منذ بزوغ فجر الدولة وذيوع صيتها وانتشار شعاع نورها التعريض بالدولة وجعل كل حسنة لها سيئة وكل نصرهزيمة أو اعتبار على أنه انسحاب من العدو لا على أنه هزيمة نكراء للعدو ونصرة وتمكين للدولة ، وجعل من كل سيئة لجبهة الغدر جبهة النصرة حسنة وكل هزيمة أو انسحاب عده نصر وتمكين .
كل هذا وغيره امعانا في التمويه والتلبيس واغراقا في التضليل والتدليس بصورة الناصح المشفق على الجهاد وأهله وأمة الإسلام بغرور قتال وظهور يقصم الظهور ، فإذا به يخرج علينا بتسجيل مرئي محاولا تصوير الدولة الإسلامية التي تقيم حدود الله وتطبق شرعه أن ما قامت به باطل وأنها تأثم على فعلها ذلك وأن ما تقوم به جبهة الخذلان والغدر وتعطيل الشرع جبهة النصرة من تعطيل للشرع وعدم اقامة الحدود هو الصواب وتؤجر على فعلها ذلك
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به … وإن ذكرت بشر عنهم أذنوا
وسأبدأ بالشروع في بيان المقصود وعليه التكلان
المسألة الأولى : الفرق بين تطبيق الشريعة وإقامة الحدود
ابتدأ كلامه بالتفريق بين إقامة الحدود وتطبيق الشريعة ليمهد بذلك على أن الدولة لا تقوم بتطبيق الشرع ، وأنها فاقدة لشروط اقامتها ، وأن كل ما تقوم به الدولة الإسلامية إنما هو مجرد اقامة حدود وليس تطبيق للشرع ، وعليه فإن إقامة الحدود لا تقام في أرض الحرب ، وأن قيام الشرع يستلزم وجود أمير مبايع له من أهل الحل والعقد ووجود سيادة الدولة ونفوذ سيطرتها وسلطانها ، وهذا ما تفتقر إليه الجماعات الإسلامية في الشام ومنها الدولة الإسلامية بزعمه ، وبهذا تكون الدولة الإسلامية قد خالفت الشرع وعصت الله في اقامتها للحدود فقد قال صلى الله عليه ” لا تقطع الأيدي في الغزو ” والمصيب هو من لم يقم شرع الله من تلك الجماعات لأن فيه طاعة وامتثال واستجابة لأمر الله ، هذا ملخص كلام ذلك الضال.
قال القنيبي : نسمع أن الجماعة الفلانية لا تطبق الشريعة مراده ــ  جبهة النصرة ، ومن دار بفلكها  ــ  والجماعة الفلانية تطبق الشريعة مراده ــ  دولة الخلافة ــ وقد بين ذلك في نهاية تسجيله ، ــ وعندما نسأل ما تقصدون من تطبيق الشريعة يتبين أن المقصود تطبيق الحدود ” كقطع يد السارق مثلا ” وهنا نبين أن تطبيق الحدود ليس هو ذاته تطبيق الشريعة بل أحيانا تطبيق الشريعة يحرم تطبيق الحد بحيث يكون عمله بخلاف الشريعة .انتهى كلامه
أقول وبه أصول وأجول : إن أبلد طالب علم  يجهل أبجديات العلوم يخجل أن يقول هذا الكلام ، ويخرج من هذا الاستدلال بهذه النتيجة لانزالها على الواقع ، فانظروا يا أخوة كيف أن القنيبي سأل سؤالا ثم أجاب عليه ثم أنزل الأحكام الشرعية على جوابه
يقول القنيبي : وعندما نسأل ما تقصدون من تطبيق الشريعة يتبين أن المقصود تطبيق الحدود ” كقطع يد السارق مثلا
وأقول : اثبت العرش ثم انقش ، فما حقيقة هذا التبين ، وكيف عرفته ، وماهي مصادرك ، ومن الذي أجابك عليه . لتجعل من السؤال والجواب حقائق تبني عليها أحكامك
  بالتأكيد أخي القاريء لن تجد لأسئلتنا جوابا عنده لأن كل ما قاله مجرد تخيلات نسجها الشيطان في ذهنه ، هراء وافتراء من عندياته وتخيلاته وحقده على الدولة الإسلامية ، حتى يظهر أن ما تقوم به الدولة الإسلامية لا يعدو مجرد اقامة حدود ، وليس تطبيقا للشريعة ، ليصل إلى نتيجة مفادها أن ما قامت به الدولة الإسلامية عمل محرم شرعا ومخالف للشرع ، لأن الشريعة نفسها كما قال ، أحيانا تحرم تطبيق الحدود ،وهذه النتيجة التي يريد الوصول إليها في حق الدولة ونصرة الجبهة ،  وبذلك تسقط دعوى أن الدولة الإسلامية تطبق الشريعة وغيرها لا يطبق الشريعة ، بل غيرها أفضل منها كما زعم
وجوابنا عليه : أن المقصود بتطبيق الشريعة عند الدولة الإسلامية لا مجرد حدود وإنما حقيقته عندها : أن تكون المرجعية المطلقة في كل جوانب الحياة في البلاد وعلى العباد قائمة على الكتاب والسنة ، وما تطبيق الحدود إلا جزء من هذه الجانب
قال الله تعالى : ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ” وقال الله تعالى :  ” وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ” وقال الله تعالى : ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ”  وقال تعالى : ” أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ “
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : ” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه “
فالشريعة منهج كامل وشامل لا يختص بواقعة دون الأخرى  أو بفرد دون الآخر قال الله تعالى : ”  فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما “
فزعم المدعو القنيبي أن تطبيق الشريعة يتبين المقصود منه تطبيق الحدود ، كقطع يد السارق ــ يريد من هذا التطبيق عندالدولة الإسلامية وحقيقة هذا التبين على أنه مجرد حدود فلا يوجد من يطبق الشريعة غيرها ،كما أن الخصومة ضدها والخلاف في هذا الأمر معها ــ وهذا من كذبه وافتراءاته ليحاول التقليل وإضعاف مكانة الدولة وحقيقة ما تقوم به من جهود عظيمة لمصلحة جبهته المخذولة التي لا تطبق شرع الله
فقدم مصلحة الجماعة والتحزب والأهواء على مصلحة الأمة ، وإقامة دين الله وشرعه بسؤال وجواب هو اخترعهوتخيله وأسقط عليه الأحكام ، ولعلك أخي القاريء إن سألته عن حقيقة السؤال والجواب قال لك هذا ما يتداول على التويتر ، فجعل من ذلك حقيقة وبنى عليها أحكامه بدلا من اثبات صحة تلك الدعوى أو اسقاطها
ومنه يتبين أن المقصود بتطبيق الشريعة عند الدولة الإسلامية دولة الخلافة هو ما أصلنا له وبيناه لا كما بينه المدعو القنيبي  على أن حقيقته عند الدولة إنما هو مجرد اقامة حدود ، فإن الدولة الإسلامية طبقت الشريعة الإسلامية فأقامت الحدود وجاهدت الكفار وعقدت لواء الولاء والبراء لله وفي الله ، وحطمت الحدود وفرضت الجزية وأحكام الزكاة وإقامة الصلاة ، وفرضت الحجاب ومنعت الدخان وكل المنكرات وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ،ونشرت التوحيد ، وهدمت القباب والقبور ،، وهدمت الكنائس ، وكسرت الصلبان ، وطمست كل معالم الشرك ، وأذلت عباد الأوثان وقامت بكل ما لا يدركه أو يفهمه كل حاقد وجبان ، ما لم تقم به أي جماعة اخرى
وبهذا تعلم أخي أن زعم القنيبي أن اقامة الشريعة المقصود منه فقط اقامة الحدود كذب وتدليس على الدولة وهؤلاء مهما حاولوا اخفاء حقدهم وما تخفي صدورهم لا يستطيعون فعل ذلك
ومهما تكن عند امريء من خليقة … وإن خالها على الناس تعلم

المسألة الثانية : هل يشترط الأميرأو السلطان لاقامة الحدود
أقول : كعادة من فقد شرف الخصومة ولا هم له إلا اسقاط خصومة ولو كان باسقاطات فاسدة وقياسات باطلة ، ولا يهم تحريف ولي أعناق النصوص وتوظيفها لأهوائهم بل المهم نصرة أحزابهم وشهواتهم
فلا يفتأ القنيبي في كل مقام أن يحشد كل ما بوسعه لإثارة الظنون والشبهات حول الدولة الإسلامية ولو لم يكن لها أي حظ من النظر ، فغايته اثبات  بطلان انعقاد الامارة للدولة الإسلامية وعدم صحة وجود أمير مبايع وله سلطان على الأرض لإقامة الحد ،والتبرير لجبهة النصرة وحشد كل ما يمكنه من الأقوال لاعذارها والترقيع والتبرير لها على عدم الزامها بوجوب اقامة شرع الله
قال المدعو القنيبي : ليس لجماعة المسلمين إقامة الحدود وإنما الأمر للإمام فبدون الإمام لا تقام الحدود ومفاد دليله قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ” تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب ” فالمخاطب باقامة الحدود هو الإمام الذي اختاره المسلمون عن رضا وتشاور في أرض للمسلمين عليها سلطان مستقر . انتهى كلامه
أقول : أن الأمر في إقامة الحدود منوط بالإمام أن هذا حق وهو الأصل
قال الشافعي رحمه الله كما في كتابه الأم : ” لا يقيم الحد على الأحرار إلا الإمام ومن فوض إليه الإمام ” ، وقال ابن قدامة – رحمه الله-: ” لا يجوز لأحد إقامة الحد إلا بالإمام أو نائبه ” وقال ابن تيمية -رحمه الله-: ” وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ” انتهى
فلا يحق ولا يجوز لأحد من الرعية أن يقوم بنفسه على إقامة الحدود وهناك إمام مبايع له إلا برضاه وحكمه حتى لا تعم الفوضى ويكثر الفساد وتسقط هيبة الأمير والدولة ، وتذهب مكانته .
أما الزعم أن إقامة الحدود في غياب الأمير تسقط وعدم وجوده سبب في تعطل الحدود وعدم اقامتها ، فهذا كلام باطل وقول فاسد ، والاستدلال بما جاء به القنيبي من آثار على صحة ذلك لا حظ له فيها من النظر دل على جهله وقلة بضاعتته ، فأدلة الشرع الصريحة والمستفيضة دلت على وجوب اقامة الشرع ولا يوجد في شيء منها على وجوب سقوط تلك الأحكام في حال غياب الإمام إلا اتباع الأهواء والشهوات وجهل القائل بالشرع
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما قتل امرأة زانية من غير الرجوع إلى الإمام
: ” لا يُعرف أن أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم .. ولكن أعداء الله يجعلون هذه الشبهة حجة في ردّ ما لا يقدرون على جحده، كما أني لما أمرتُ برجم الزانية قالوا لا بد من إذن الإمام، فإن صح كلامهم لم تصح ولايتهم القضاء ولا الإمامة ولا غيرها ” مجموعة مؤلفات الشيخ 3/67
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- (إذَا عدِمَ السُّلْطَانُ لَزِمَ أَهْل الشَّوْكَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا، فَتَنْفُذَ حِينَئِذٍ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ الْمُلْجِئَةِ لِذَلِكَ).اهـ تحفة المحتاج: 7/259

وقال أبو المعالي الجويني -رحمه الله- في “غياث الأمم”: “لَوْ خَلَا الزَّمَانُ عَنِ السُّلْطَانِ، فَحَقٌّ عَلَى قُطَّانِ كُلِّ بَلْدَةٍ، وَسُكَّانِ كُلِّ قَرْيَةٍ، أَنْ يُقَدِّمُوا مِنْ ذَوِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى وَذَوِي الْعُقُولِ وَالْحِجَا مَنْ يَلْتَزِمُونَ امْتِثَالَ إِشَارَاتِهِ وَأَوَامِرِهِ، وَيَنْتَهُونَ عَنْ مَنَاهِيهِ وَمَزَاجِرِهِ; فَإِنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، تَرَدَّدُوا عِنْدَ إِلْمَامِ الْمُهِمَّاتِ، وَتَبَلَّدُوا عِنْدَ إِظْلَالِ الْوَاقِعَاتِ). اهـ [غياث الأمم: 104]

وقال ابن قدامة -رحمه الله-: (وَالْقَضَاءُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّاسِ لَا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ، فَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ؟!!). اهـ [المغني:11/374]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى : ”  لو فرض عجز بعض الأمراء عن إقامة الحدود والحقوق، أو إضاعته لذلك: لكان ذلك الفرض على القادر عليه.
وقول من قال: لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل كما يقول الفقهاء الأمر إلى الحاكم. إنما هو العادل القادر، فإذا كان مُضَيِّعاً لأموال اليتامي، أو عاجزا عنها: لم يجب تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه.

وكذلك الأمير إذا كان مضيعا للحدود أو عاجزا عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه. والأصل أن هذه الواجبات تُقام على أحسن الوجوه. فمتى أمكن إقامتها مع أمير لم يحتج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها، فإنها من «باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» فـإن كان في ذلك من فسـاد ولاة الأمــر أو الرعيــة مايزيد على إضاعتهـا لم يدفــع بأفسـد منه. واللـه أعلم ” .اهـ [الفتاوى:34/ 175، 176]
وقال ابن قدامة رحمه الله كما في المغني : ” ولو لحق المرتد بدار الحرب لم يزل ملكه، لكن يباح قتله لكل أحد من غير استتابة وأخذ ماله لمن قدر عليه؛ لأنه صار حربيا حكمه حكم أهل الحرب “
فهل عرفت كلام أئمة الإسلام وتدبرته يا عبد الله ، وحقيقة الفهم الصحيح لا الثرثرة وفهم القيم ، كيف أن اقامة الحدود لا يجوز بحال تعطيلها والامتناع عن القيام بها وإن غاب الأميرإلا أن يترتب على ذلك مفسدة عظيمة ، لا أن الأمير شرط في قيام الشرع فمتى كان الأمير غائبا أو مضيعا أو مفرطا للشرع وجب الأمر لمن هو قادر عليه مع تغليب المصلحة على المفسدة ، فهذا كلام العلماء وأئمة الشرع لا كلام المتسلقين على أكتافهم فالحجج تقام بالأدلة والبراهين لا باستنباطات فاسدة وثرثرة زائدة
فما الذي يستفاد من قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم”  تعافوا الحدود بينكم فما بلغني من حد فقد وجب “
أولا : أن الحدود فرض واجب على الإمام القيام به  ولا يسقط عنه ولا يجوز له التسامح فيه
ثانيا : لا يسقط هذا الفرض بشفاعة أحد من الخلق
ثالثا : لا يجب على من ارتكب حدا كالزنا أو السرقة الذهاب بنفسه إلى الأمير أو الحاكم  لاقامة الحد عليه ، ويكفيه التوبة والاستغفار وإعادة الحقوق لاهلها بعيدا عن القضاء
رابعا : يجوز لمن رأى على أخيه حدا من الحدود أن ينصحه ولا يسارع بالذهاب للحاكم بالإبلاغ عنه ما لم يكن السكوت عنه فيه خطر على الدين والمجتمع
أما أن يقال أن المستفاد من هذا الحديث أن الأحكام الشرعية تتعطل  والحدود تسقط بغياب الإمام قول باطل وكلام فاسد لم يدل عليه نص لا من كتاب ولا سنة ،
ولعلك تتنبه أيها القاريء اللبيب كيف أن استدلالاته في غير محل النزاع وخارجة عنها
المسألة الثالثة :
أما قول القنيبي  : فهل هذه هي الحال في الشام التي تتواجد فيها جماعات المقاتلة المتنوعة هل للمسلمين سلطان ثابت وقد ارتضوا لهم إمام أم أن الحالة حالة دفع عدو صائل ومحاولة استرداد سلطان المسلمين من الكافر والأرض مازالت أرض حرب وكر وفر ، فإن قلنا أنها أرض حرب وهذا الظاهر وسلطان المسلمين لا يزال مسلوبا فضلا عن أن يمنحوه لإمام يتفقون عليه فاقامة الحد في هذه الحالة ليست من الشريعة وفي الحديث الذي صححه الألباني وغيره لا تقطع الأيد في الغزو ” أي أن اقامة الحد في هذه الحالة مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وعمل بخلاف الشريعة لأن الأرض أرض غزو والمخاطب باقامة الحد هو الإمام وهو غير موجود في هذه الأرض فأمراء الجماعات ليس الإمام الذي أنيطت به اقامة الحدود “
أقول : هل رأيت يا عبد الله كيف اقام حجته باستدلال فاسد وبنى عليه حكمه فقد جعل بداية ، الأمير شرط في اقامة الحدود ليعطل شرع الله ويصحح عمل من عطل الشرع وقد أثبتنا بطلان ذلك ، ولم يكتف بذلك بل زاد  ووضع شرطا آخرا من عندياته وكأن الشيطان يملي عليه ما يقول وهو ينفذ ارادته فجعل الفتوحات الإسلامية مجرد دفع صائل وأن الحدود تعطل في حالة دفع الصائل وهذا كذب على الشريعة إن سلمنا له على أن الحالة حالة دفع صائل ، وأن الأرض والمعركة كر وفر ، ولم يكتف بذلك بل جعل الدولة الإسلامية التي بسطت نفوذها وسيطرت على مساحات شاسعة وباعتراف الأعداء أنها لم تفرض سيطرتها وسلطانها على شيء من الأرض وأن الأمر مجرد كر وفر وما يزال سلطانهم مسلوبا كما زعم
قاتله الله من أفاك ، يريد أن يسلب عن الدولة كل انتصاراتها ومكاسبها ويكذب عليها بكل ما بوسعه ليزدريها ويضعف مكانتها ويقلل من شأنها نصرة لجبهته المخذولة الغادرة
لايكذب المرء إلا من مهانته…أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعضُ جيفة كلب خيرُ رائحة….. من كذبة المرء في جدّ وفي لعب
فالدولة الإسلامية قائمة وسلطانها نافذ وأميرها مبايع له وحدودها أكبر من عشرين مرة من بعض الدوليات بل وأكبر من مساحة العراق أو سوريا لما كانت في ظل الروافض والنصيرية ، لكنه الإعتراض لمجرد الانتهاض والحقد على دولة الإسلام وهذا من جملة الأمراض فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم الله فيه
وأما قوله : فاقامة الحد في هذه الحالة ليست من الشريعة وفي الحديث الذي صححه الألباني وغيره ” لا تقطع الأيد في الغزو ” أي أن اقامة الحد في هذه الحالة مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وعمل بخلاف الشريعة لأن الأرض أرض غزو ” .
أقول :  هل رأيتم مدى جرأته على الشريعة ، هل علمتم قول أحد من العالمين يقول بكلامه هذا ويستشهد به وينزل النص بهذه الطريقة الفجة ليبرر لجبهة النصرة تعطيلها للشريعة ويؤثم الدولة الإسلامية ويجعلها خالفت الشرع بتطبيقها الشريعة أو مجرد الحدود كما يزعم
”  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور “
وردا على استدلاله الفاسد فلن أخوض في صحة الحديث وكلام أهل العلم عليه وهو يبني استدلالته على حديث متكلم عليه ويريد أن يلزم خصمه به ويعطل شرع الله بحديث متكلم فيه كما قال ابن حزم وغيره فلم يثبت في صحة ذلك شيء لكنني سأتكلم باعتبار صحة الحديث فحديث ” لا تقطع الأيدي في الغزو “
أولا : أن الحديث لا يفهم منه تعطيل الشريعة وإنما المراد التوقف في اقامة الحد عليه في حالة الغزو إلى حين عودة المقاتلين إلى ديارهم ومن ثم اقامة الحد عليه
ثانيا : أن الامتناع عن إقامة الحد عليه إنما كان لشبهة قد تقع للسارق كونه أخذ شيئا من الغنائم وله حق فيها فكانت في موضع الشبهة والحدود تدرأ بالشبهات
ثالثا : أن الامتناع عن إقامة الحد عليه خوفا على عدم قدرته للدفاع عن نفسه فيكون بذلك معرضا للقتل
رابعا : خشية أن يلحق بأرض العدو خوفا من إقامة الحد عليه ويكون سببا في ردته أو الحاق الضعف في صف المقاتلين
خامسا : أن قطع الأيدي هذا إنما هو مختص بالمقاتلين أثناء القتال والنزال لا في البلاد التي فتحت وعلى العباد الذين يقيمون في تلك البلاد
فأنت ترى أخي أن الأمر دائر حول الشبهات التي تكون مانعا من اقامة الحد ، ولتحقيق مصلحة أكبر من مجرد القطع وليس تعطيلا للشرع وإنما تأجيلا لايقاعه ، وهذا في حالات خاصة وعلى أفراد بأعيانهم من المقاتلين
فما وجه الاستدلال بالحديث على واقع الشام ونعلم يقينا أن المجاهدين لا يمكنهم العودة إلى بلادهم لأن الغالب على كثير منهم أن يقع عليه عقاب أعظم من مجرد القطع في حالة عودتهم ، وما مناسبة الحديث ووجه الاستدلال به على القاعدين في بيوتهم من غير المجاهدين إن سرقوا أو زنوا أو شربوا الخمر
يبدو أن هؤلاء قد أنساهم الشيطان أن الأمر دين ، فوالله وبالله وتالله لو أن جبهة الخذلان والغدر جبهة النصرة قامت ببعض ما قامت به الدولة من انتصارات وإقامة بعض الشرائع لرأيت الدفاع والحشد لنصرتهم والدفاع عما قاموا به وياليتها فعلت
ومنه تعلم الافتراء والظلم على الدولة وتعلم كم أن هؤلاء جهلة في فهم الدين وتعلم أصوله ، وتعلم كم أنهم كذبة وفجرة يريدون تعطيل شرع الله لغايات في أنفسهم وشهواتهم اسأل الله أن ينتقم منهم ويريح الأمة من شرهم فقد فرقوا كلمة المجاهدين وشقوا الصف والبوا الأعداء على دولة الإسلام وقدموا مصالحهم الخاصة ومصلحة حزبهم على دين الله وشرعه ومصلحة الأمة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



Created:
About

أضف تعليق