وصلتني للنشر / رسالةً مفتوحة الى الشيخ ابي محمد الجولاني – حفظه الله وهداه –


هذه رسالة وصلتني من أخٍ يطلب نشرها ، وأنشرها بلا زيادةٍ أو نقصان ….

 

هذه رسالة من العبد الفقير المقصّر فيما افترضه الله عليه، التارك لما وَجَبَ عليه من فرض وقته، المسرف على نفسه، القاعد عن الدفع عن دينه وحرماته، المرابط على ثغر زوجته، إلى البطل المقدام، والأسد الهصور، والقائد الهمام، حاملِ روحه على كفّه، الصائل على عدوّ الإسلام، المرابط على ثغر الشام: الفاتح أبي محمد الجولاني ، حفظه الله وكلأه ورعاه، وسدّد خطاه وأخذ بناصيته إلى ما يحبُّ ربٌّنا ويرضى.

 

 

الشيخ المجاهد الفاتح حفظه الله ورعاه ، تعلمُ إنّ الإختلاف وشؤم الفرقة أضرّ على جهادكم من عدوِّكم، وثمرة الطاعة فيما تكرهون أعظم من ثمرة بقاء من ترتجون بقاءهم لو تمّت مشورتهم.

 

ووضوح الراية منذ البدايات فيه الخير الكثير، أما أن تبقى الأمور معمّاة هكذا يختلط الحابل بالنابل والموحّد بالمخلّط ، ويؤخذ المطيع بجريرة العاصي، فليس من الحكمة، هذا سبيلنا وهذه طريقنا وتلك دولتنا فمن أراد أن يجاهد فليتّبعنا فنحن فرع من أصل عظيم، ومن أراد أن يقاتل أو يناضل أو يثور فالسبل كثيرة يختار من شياطينها ما يشاء. فالله الله في وضوح الراية!

 

أما ترى أن الناس كلهم في خارج الشام ينظرون إلى الجيش الحرّ على أنه جيش واحد!! ولا يفرّقون؟ ألا ترى أنه لا يفرّق بينكم وبين الجيش الحرّ إلا من نوى على قتالكم من ملل الكفر؟

 

أما ترى أن الناس والإعلام والغرب لا يعترفون إلا بالجيش الحر … وأقصوكم منه بدعوى (الإرهاب)  أما ترى (بني علمان) و(الإسلاخيين المنتكسين) يسارعون في إقامة حكومة ورقٍ ودولة كرتون وتصريحات من الفنادق؟ كلّ ذلك استباقا لقيام دولة الإسلام في الشام. هبّ أن ذلك حصل وأصبح الجيش الحرّ جيشها!! أين ستصبحون؟ الكلّ يخطط لتنحيتكم وإقصائكم وإبادتكم واستئصال شأفتكم، أليس من الحكمة أن تفطر بهم قبل أن يتعشوا بك؟!! وقد ذهب وقت الفُطور وانقضى ثلثي وقت الغداء وما بقي للعَشاء إلا القليل، فحذار أن يبادروك!

 

فوالله إن حربكم على شراستها واضطرام أوارها لَمَّا تبدأ بعد، فلم تَرَوا إلى الآن طائرات آل سلول تمطركم بحممها، ولا أمريكا تشويكم بقاذفاتها، ولم تَبِت بعد طائرات الناتو التي بدون طيار في سمائكم ترقبكم وتصطادكم، ولا فيالق الجيش الحرّ من كلّ صوب تحيط كالذئاب بكم، وما رأيتم بعدُ صحوات الردّة تستأصل شأفتكم ولا وجدتم بعدُ حكومة (إسلاخيين)  – تعترف بها (الجامعة العِبْرِيَّةُ) و (هيئة الأمم المتحدة على قتالنا) و (مجلس أمنهم وتخويفنا) – بدعوى الإرهاب تُعدِمُ خيرة أبنائكم. فالقادم أدهى وأمرّ، ولم تدخل إسرائيل بعدُ الحرب.

 

ولعمري ما شأن (الفصائل المسلحة) وشأنكم، ونحن نرى في هذه الفصائل المتردّية والنطيحة وما عَفّ عن أكله السبّع، ولو قلتَ الفصائل الموحِّدة لله المسلّحة لهان الأمر

 

إن انفضاض الناس و(الفصائل المسلحة) والمشايخ عنكم – بسبب أنكم أتباع دولة العراق الإسلامية أو لأنهم لم يُستشاروا في الأمر ولم يُستأمروا، أو حتى لأنهم أُقْصُوا عن الإمارة  – أفضل من بقائهم معكم، فمن كانت حالته هذه لا يزيدكم إلا خبالا…  وهل ستستقوي بأمثال هؤلاء وتستكثِر.. وهل بهم ستُنصَر!! فلا حول ولا قوّة إلا بالله.

 

ولا يكن (بني علمان) أحرص منك على الوحدة، فقد وحّد القوميون من قَبْلُ مصر والشام، أفلا توَحّدون أنتم العراق والشام وأنتم أهل الإسلام وسدنته وحماة العقيدة، وفرع لأصل، فإن شدّ الأصلُ الفرعَ استجاب له دون لِمَ!

إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص، فلا تكن اللّبِنَة النشاز في البنيان.

 

لقد نبتت البذرة في خراسان، وقوي عودها بطالبان وآزرها شطرها بقاعدة الجهاد وغزواتها المباركات، فأثمرت في العراق، وستنضج ثمرتها في الشام، وتُلقي ببذورها في بيت المقدس لينبت منه في شجرة في كل مِصر وتعود الخلافة التي لا تعرف الحدود التي رسمها (الاستخراب)، وهذا بيت القصيد.

فإن تركت العراق، وعدت إلى خراسان، لم تتزبّب وبقيت حُصْرُماً.

 

وهل كنت تريد إقامة إمارة جديدة أو دولة وليدة للإسلام في الشام  مع (الفصائل المسلحة) الأخرى والمشايخ وأهل الفضل الذين ذكرتهم؟! هب أن ذلك تمّ لك، ثمّ رفضوا أن يتحدوا مع دولة العراق الإسلامية فضلا عن أن ينضموا وينضووا تحت رايتها أو يدخلوا تحت إمرة الدولة، واحتجّت تلك الفصاءل بأنها تعمل في الشام قبل الدولة، فما كنت ستصنع؟! فما موقفك حينها؟ وماذا ستفعل؟ هل ستنشق الجبهة عنهم وتُبْقِي على بيعتك لدولة العراق الإسلامية في عنقك، وحينها ستصبح أنت من شقّ عصا الطاعة وفرّق الأمة وشتّت الجهد والشّمل وخرج من الجماعة، وإن كانت الأخرى وبقيتَ معهم فقد خنت الأمانة وفرّقت شمل الدولة ونكثت البيعة ونزعت يدا من الطاعة ونقضت الميثاق بلا مبرر شرعي وبما يخالف إجماع العقلاء من توحيد الصفوف ورصّها لمحاربة ملل الكفر التي اجتمعت على حربنا. فأين أنت من الحالتين؟! أعاذك الله منهما.

 

وهل مشورة الأمير لقادته واجبة شرعا أم مستحبّة، وهل إذا أشاروا عليه وجب عليه أن يأخذ برأيهم، وهل إذا اقترح أحد قادته أو جنوده على مشروعا أو خطّة ووافق ذلك الأمير عليها وكلّف ذلك الجنديَّ بتنفيذها وأمّره على فرقة وخوّله وضع سياستها وأخذ منه البيعة على الطاعة في المعروف، ثمّ رأى الأمير أن يغيّر الخطة أو يلغي ما تبقى منها، ولم يستشر الأميرُ قائدَه المكلّفَ بالمهمّة ولم يستأمِره، أو قُل أقاله من مهمّته ونزع منه ما خوّله وأمّر غيره، هل لذلك القائد أن ينزع يد الطاعة ويخرج من بيعته لأميره؟؟!!! وهل يجوز لهذا القائد أن يقول أنني صاحب المشروع ومُبدِعُ الفكرة وصاحب التجربة والخبرة، فقد عركتني الحرب وعركتها وعرفت الساحة وخبرتُها واستعجل أميري في أمر له فيه أناة، ولم يستشرني ولم يستأمرني وأقصاني وأقصى من تحتي من القادة لذا سأنزع يد الطاعة وأنكث البيعة؟؟!! حتى لو أن أميره أخطأ في الأمر هل يجوز له ذلك؟!

 

وأي بيعة هذه التي تنتهي إذا لم يٌستشر صاحبها أو إذا أُقصِي ونُحيّ، أهذه هي أحكام البيعة في الإسلام!!

 

إن المبايعُ يلزم غرزَ أميره حتى لو لم يُستَشر، أو استُشير وكان الحقّ في رأيه لكنّ أميره رأى غير ذلك ولم يأخذ برأيه، ألم تر إلى الفاروق رضي الله عنه يراجع النبي صلى الله عليه وسلّم في الأمر ثم ينزلُ القرآن برأي الفاروق رضي الله عنه، ومع ذلك يلزم غرْزَ نبيّه صلى الله عليه وسلّم ولا يحيد عنه قدر أُنمُلة. هي بركة الطاعة إذا.

وهل كان الخلفاء الراشدون يستشيرون أمراء الجند في الأمصار قبل أن يتخذوا القرارات أم كان القادة في الأمصار يتلقّون أوامر الأمراء وتوجيهاتهم  بل وعزلهم وتولية غيرهم ، بل وتغيير خططهم ، بل قد يُفاجؤا من القرارات والأوامر والتوجيهات، فما رأينا منهم حين قرأنا تاريخهم إلا السمع والطاعة … وما رأيناهم ينازعون الأمر أهلَه.

 

فوالله إن المصلحة المترتبة على بركة الطاعة في المعروف للأمير المجاهد القائم بأمر الله في الرجوع إلى الأصل الذي منه انطلقتم لهي  أضعافَ أضعاف المصلحة المؤمَّلة من التفاف الناس حولكم وبقائهم معكم لو تمّت مشورتهم أو لو أنهم أُمّروا معكم. فإن شؤم الاختلاف وعدم الطاعة يمحقُ المصلحة التي تأملونها، ومثلك لا يحتاج إلى تذكيره بأحاديث السمع والطاعة…

وأنا لم أسمع الأمير البغدادي يذكر الإقصاء الذي تكلمتم عنه في كلمتكم، فإن كان عدم مشورت الشيخ البغدادي لكم إقصاء فقد أقصى (بمفهومكم) الفاروقُ خالدَ بن الوليد وأمّر أبا عبيدة رضي الله عنهم، ومع ذلك لزم الجميع غرزَ أميرهم.

 

ثمّ هل الارتقاء من الأدنى إلى الأعلى هو أن تنزع يد الطاعة من أميرك وتبايع أمير أميرك؟؟ ثمّ تُنشئ بعد ذلك إمارة جديدة ودولة وليدة وقيادة جديدة؟ أم أن الإرتقاء يكون باجتماع الطوائف في إمارة والإمارات في دويلة والدويلات في دولة والدول في خلافة.

 

إن الإرتقاء إلى الأعلى يكمُن في التزام السمع والطاعة في المنشط والمكره في المعروف ما لم يؤمر المرء بمعصية حتى لو خالف الأمر هواه ورؤاه وخطته … إن الإرتقاء إلى الأعلى يكمُن في إلا ننازع الأمر أهله… وأن لا نخلع يدا من طاعة..

 

فالبدار البدار ، وكونوا خير خَلَف لخيرِ سلف، وخيرَ جندٍ لخيرِ أمراء. أعيدوا لنا سنّة خالد وأبي عبيدة رضي الله عنهم، ولا تفجعونا بفرقتكم واختلافكم فيتشتت الجهد وتفسد الثمرة وتذهب المصلحة التي رجّيتموها بسبب شؤم الاختلاف ومعصية نزع اليد من الطاعة لأميركم.

 

إننا كلّما أعدنا سماع (إننا في العراق على مرمى حجر من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنقاتل في العراق وعيوننا على بيت المقدس) تأمّلنا الخير ورأينا اقتراب الفرج أن أصبح رجال دولة العراق الإسلامية على حدود فلسطين ينتظرون دخولَ بيت المقدس.

فلا تفجعونا بارك الله فيكم، فما عقدنا الأمل بعد الله إلا على دولة الإسلام في العراق وثمرتها في الشام، فقد تقطّعت السبل وغُلّ كفّ الثدي، وخان (حماة المسرى) الأمانة.

وأخيرا هذا ما دار في خلدي وقد كتبته على عجالة ولم أراجعه أو أرتب أفكاره، وأهل الشام والعراق أدرى بشعابها، ولا أدري ماذا تحت الرماد، غير أني تألمت كثيرا حين فرح الأعداء برسالتك وطاروا بها في الآفاق يبشرون بانشقاق المجاهدين واختلافهم ونزع يد الطاعة من أمرائهم، حزنت لفرح مشايخ السوء والضلال برسالتكم… فقد أدمى ذلك قلبي وقرّح عيني، ووالله إني لأكتب ودموعي تتحدّر، فأثلجوا صدورنا بالاجتماع على الطاعة وتوحيد الكلمة وتجميع المفرّق، بارك الله في جهدكم وجهادكم وأراكم الحق وثبّتكم عليه وجمع بكم الكلمة على كلمة التوحيد.

 

اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ. فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

 

أضف تعليق